في ظل حصار السيول.. ممرض شاب بأيت سدرات يُشرف على ولادة ناجحة بمكالمة فيديو
في واقعة إنسانية مؤثرة تجسد روح المسؤولية والتضحية، نجح الممرض إلياس الشتيوي، حديث التعيين بالمركز الصحي “آيت حمو وسعيد” التابع لجماعة آيت سدرات السهل الشرقية بإقليم تنغير، في الإشراف على عملية ولادة معقدة لسيدة حامل، وسط ظروف مناخية قاسية وغياب تام لأي إمكانية للوصول إلى المؤسسات الصحية بفعل السيول الجارفة التي حاصرت المنطقة.
الحادثة تعود إلى مساء الأحد، حين باغت المخاض سيدة حامل في منزلها بالمنطقة، ليُسارع الممرض إلياس إلى التدخل ميدانيًا، بعدما تلقى نداء استغاثة من أسرتها. وبعد معاينته للوضع، تبيّن أن الحالة تتطلب تدخلًا متخصصًا، ليُقرر مرافقة الحامل بمعية أفراد من عائلتها نحو مستشفى القرب ببومالن دادس، الذي تتوفر فيه ممرضات قابلات.
غير أن الأقدار شاءت أن تحاصرهم السيول من كل الجهات، ما جعل من المستحيل إتمام الرحلة، ودفع بالممرض إلى اتخاذ قرار استثنائي: استخدام تقنية مكالمة الفيديو للتواصل مع قابلات المستشفى الإقليمي بتنغير، إضافة إلى ممرضة قابلة تشتغل بالمركز الصحي أمسمرير.
رغم أن إلياس لم يكن يتقن اللغة الأمازيغية، استطاع عبر لغة الإشارة وبإرشادات القابلات عن بُعد، أن يتعامل مع الوضع بحنكة وصبر، ليُتوج هذا الجهد الجماعي بولادة ناجحة لطفلة في صحة جيدة، وذلك حوالي الساعة السادسة والنصف مساءً، بعد أزيد من ساعة من المحاولات الدقيقة والحساسة.
ويواصل إلياس، حسب المعطيات المتوفرة، مراقبة حالة الأم ومولودتها في انتظار تحسن الأحوال الجوية التي تسمح بنقلهما إلى المؤسسة الصحية الأقرب لتلقي الرعاية الطبية اللازمة.
هذه الواقعة ليست فقط درسًا في العمل المهني والتطوع الإنساني، بل أيضًا مثالًا حيًّا على أهمية الابتكار وروح التعاون في ظل ضعف البنية التحتية والتحديات التي تواجه قطاع الصحة بالمناطق الجبلية والنائية.
وتقدم فريق القابلات بالمستشفى الإقليمي لتنغير بتحية خاصة للممرض إلياس على شجاعته وروح مسؤوليته، مثمنين هذا العمل الذي يعكس قيم التضامن والإنسانية التي تُميز مهنيي الصحة بالمغرب.